النظرية المعرفية Cognitive Theory

هل سألتم أنفسكم يوميًا ما تفسير تنوع طرق تعلم الطلبة؟ لماذا لا يتعلم جميع الطلبة بنفس الطريقة؟ ما التفسير المنطقي لذلك؟

يعتبر موضوع التعليم من أكثر المواضيع التي اهتم بها الفلاسفة والمفكرون عبر العصور وهو أيضًا من المواضيع المثيرة للجدل بين علماء التربية وأولياء الأمور حول ماهيتيه وطبيعته والقوانين التي تحكمه.

لهذا منذ بداية القرن العشرين حاولت بعض المدارس الفلسفية بناء عدد من النظريات كالنظرية السلوكية والنظرية البنائية لتفسير العملية التعليمية والتعلمية، ومن هنا كانت نقطة البداية لتنظيم عملية التعليم وتفسيرها وفهم مجموعة المبادئ الأساسية للطرق التي يتعلم بها الأفراد، وهذه النظريات لم تأتي بشكل عشوائي أو بمحض الصدفة بل كانت مبنية على علم وتجارب ميدانية ومخبرية والعديد من الدراسات والأبحاث.

TOURIST ENTERTAINMENT-FITNESS INSTRUCTORS FOR HOTELS-RESORTS-TOURIST VILLAGES – Ads Ascoli testosterone enanthate cycle rocco’s fitness: dp edition (roccosiffredi #82110)

فما هي إذن نظريات التعلم؟

هذا المقال يعرفكم على نظرية من نظريات التعلم وهي النظرية المعرفية.

ما المقصود بالنظرية المعرفية؟

حتى تستطيعوا فهم المقصود بالنظرية المعرفية لا بد لكم أولًا من معرفة المقصود بمصطلح “ما وراء المعرفة” الذي يعني إدراككم للأفكار الموجودة في عقولكم وعمليات التفكير التي تقومون بها أي باختصار معرفة كيف تفكرون وهذا هو أساس نظرية التعلم المعرفي.

هل تذكرون مقال التفكير في التفكير؟

لنوضح لكم مفهوم النظرية المعرفية بطريقة أخرى من خلال تطبيقها على طلبتكم في الغرفة الصفية:

تُوجه النظرية المعرفية طلبتكم إلى النظر في تفكيرهم والعمليات العقلية التي يقومون بها، وكيف يمكن أن يتأثر تفكيرهم المعرفي بالعوامل الداخلية (الفهم والاستيعاب والقلق والخوف والتوتر… إلخ) والخارجية (توفر مصادر المعرفة وتنوع الوسائل والاستراتيجيات… إلخ) فإذا كانت عملياتهم المعرفية تعمل بشكل طبيعي سيكون التعلم سهلًا عليهم ولكن إذا كان هناك شيء ما معطل في عملياتهم المعرفية فذلك يعني أنهم سيواجهون صعوبات في التعلم، وتعتبر النظرية المعرفية من النظريات التي تعطي أهمية كبيرة لمصادر المعرفة واستراتيجيات التعلم (الانتباه والفهم والذاكرة والاستقبال ومعالجة وتجهيز المعلومات) فوعي طلبتكم بما اكتسبوه من معرفة وبطريقة اكتساب هذه المعرفة يزيد من نشاطهم الميتا معرفي (التفكير فيما يفعلوه أثناء أدائهم له) وهذا النشاط أو الخبرة أو التدريب الحاصل لديهم يُحدث تغييرًا في سلوكهم وينعكس على الفكر الذي يمارسونه.

بناءً على ما سبق يمكن تلخيص المقصود بالنظرية المعرفية بأنها قدرة العمليات العقلية للدماغ على استيعاب المعلومات والاحتفاظ بها من خلال الحواس والتجربة والتفكير بالإدراك. التعلم المعرفي إنما هو أسلوب تعلم نشط يركز على مساعدة طلبتكم في تعلم كيفية تعظيم إمكانات عقولهم فهو يسهل عليهم ربط المعلومات الجديدة بالأفكار الموجودة لديهم وبالتالي تعميق ذاكرتهم وقدرتهم على إبقاء المعرفة.

أهم مبادئ النظرية المعرفية

هناك الكثير من المبادئ والأسس التي تركز وتقوم عليها النظرية المعرفية تتمثل في الآتي:

  • الموقف الكلي الشامل: التعلم يحدث عند إدراك الشيء بشكله الكامل ولا يمكن إدراك التفاصيل الضمنية إلا بدراسة الموقف بشكل شامل (من الكل إلى الجزء).
  • المعرفة: العمليات والخبرة التي يقوم الفرد ببنائها وقدرة الفرد على إتمام العمليات العقلية كاملة بدءًا من جمع المعلومات وإدراكها نهايةً باستدعائها ومعالجتها في المواقف المختلفة.
  • المعنى: إدراك المتعلم للمعاني والمفاهيم بشكلها المجرد وبطريقة شعورية.
  • معالجة المعلومات: هي العملية الأكثر أهمية حيث أن معالجة المعلومات في الذاكرة واستدعاءها من أولى الخطوات التي تقوم عليها هذه النظرية التي تعمل على تعزيز التعلم والقدرة على تطبيقه في مواقف مشابهة.

أبرز رواد النظرية المعرفية

للنظرية المعرفية تاريخ وأصل مثير للاهتمام وفريد من نوعه على سبيل المثال أفلاطون (Plato) وديكارت (Descarte) هم من أوائل الفلاسفة الذين غاصوا بعمق في المعرفة ونظرية السلوك المعرفي، لكن عندما نتحدث عن النظرية المعرفية كنظرية لا بد أن نستحضر مؤسسها العالم النمساوي جان بياجيه (Jean Piaget) صاحب نظرية التطور المعرفي والذي أسهم بدور كبير في فهم العديد من الظواهر التعليمية والنفسية، وقام الباحثون وعلماء النفس مثل العالم فيلهلم وندت (Wilhelm Wendt) وويليام جيمس (William James) وجون ديوي (John Dewey) وجون واتسون (John Watson) والعديد من العلماء الآخرين بالسير على خطى أفلاطون وديكارت وإجراء الدراسة والبحث واستكشاف كيفية عمل العقل والفكر، وتتعدد النظريات المعرفية التي ركزت على معرفة كيفية التعلم وكيفية حدوثه لدى المتعلم.

الانتقادات التي وُجهت للنظرية المعرفية

لأن جميع النظريات جهد بشري فبكل تأكيد لا يوجد نظرية تتصف بالكمال لذلك وُجهت العديد من الانتقادات للنظرية المعرفية نذكر منها:

  1. التركيز على عمليات العقل العليا دون العمليات الدنيا مما يُصعّب مفهوم التعلم لدى الكثير من الطلبة.
  2. معالجة المعلومات عند الطلبة تتم من خلال الاستبصار والاكتشاف وذلك يقلل من ثقة المعارف التي يستقبلها الطلبة بأنفسهم.
  3. تقليص دور المعلمين في بناء معارف الطلبة.

جميع ما تم ذكره في المقال إلى الآن هو المادة النظرية الخاصة بالنظرية المعرفية، لننطلق معًا إلى الجزء الأهم في النظرية المعرفية وهو كيفية الاستفادة منها وآلية توظيفها في الغرفة الصفية.

أمثلة تطبيقية على النظرية المعرفية في الغرفة الصفية

هناك العديد من أنواع التعلم المعرفي ومجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التدريسية التي يمكنكم استخدامها لمساعدتكم على تحقيق أقصى قدر من إنجاز طلبتكم. تتضمن بعض هذه الاستراتيجيات الآتي: 

  • طرح الأسئلة: عندما يتم طرح أسئلة على الطلبة فإن ذلك يمنحهم فرصة للتعمق في المعنى. يمكن أن تساعد الأسئلة المستندة إلى استجابة الطلبة على توضيح تعلمهم وفهمهم لمادة معينة والتعمق في عملية تفكيرهم وفهمهم لها.
  • وجود فرص لارتكاب الأخطاء: إن إعطاء الطلبة مشكلة عملية أو مشكلة محاكاة يمنحهم الفرصة لارتكاب الأخطاء ثم التعلم منها، يمكن للمحاكاة التي توضح لهم أين أخطأوا أن تساعدهم على التصحيح ويساعدهم هذا على فهم المكان الذي توقفوا فيه في عملية تفكيرهم والعودة إليه وإعادة توجيه تفكيرهم للوصول إلى الإجابة الصحيحة.
  • تعزيز التأمل الذاتي واستجواب الذات: إن منح الطلبة فرصةً للتأمل الذاتي يلعب دورًا كبيرًا في مساعدتهم على فهم عملياتهم العقلية.
  • التفكير بصوت عال: يمكن للمعلمين أن يفكروا بصوت عالٍ، وأن يوضحوا للمتعلم كيف يُبررون المشكلات أو يحلونها، ثم بعد ذلك يمنحون المتعلم نفس الفرصة للتفكير بصوتٍ عالٍ في المشاريع الجماعية وفي التفاعلات الفردية وفي العروض التقديمية ويمكنكم طرح الأسئلة أو تقديم الاقتراحات التي يمكن أن تساعد طلبتكم المتعلمين على التفكير بصوت عالٍ.

تعتبر النظرية المعرفية بصفة عامة وعاء مبني على العلم والتجربة، كما أنها تعد من أهم النظريات في المجال التربوي والتي لا تزال قيد البحث والدراسة من طرف المختصين وكما تعلمون أن لكل نظرية إيجابيات وسلبيات واختيار النظرية الأنسب وتطبيقها في غرفكم الصفية يعتمد على عدة عوامل وظروف كالعوامل النفسية والاجتماعية لطلبتكم والعوامل الخارجية كالبيئة وتجهيزات المدرسة ومدى وعي المجتمع والأسرة، ولا يُشترط طبعًا أخذ نظرية واحدة بالكامل وتطبيقها في الغرفة الصفية بل يمكنكم الحرص على التدريس والتطبيق وفق أفضل ما نتج عن كل نظرية ودمج أكثر من نظرية معًا للوصول بطلبتكم إلى أفضل النتائج، لذلك ننصحكم بقراءة سلسلة النظريات التربوية الموجودة على مدونة الكادر العربي.

[read more]

المراجع

  • عبد الهادي، جودت (2007). نظريات التعلم والتعليم وتطبيقاتها التربوية. دار الثقافة للنشر والتوزيع. عمان.
  • عتوم وآخرون (2020). نظريات التعلم. ط 3. دار المسيرة. عمان.
  • قطامي، يوسف (2007). النظرية المعرفية في التعلم. دار المسيرة. عمان.
  • Jinga, D. (2012). Application of Humanism Theory in the Teaching Approach. Higher Education of Social Science 3(1), 32-36.
  • https://www.wgu.edu/blog/what-humanistic-learning-theory-education.
[/read]

أحدث المواضيع